انها حقيقة لا يمكننا تجاهلها أو انكارها، الشبكات الاجتماعية و خدمات الويب تستحوذ على اهتماماتنا في واقعنا المعاش، و على الويب بالطبع.
و كيف لا ؟ و هي التي نشارك من خلالها مع أصدقائنا و الأخرين الأفكار و وجهات النظر، على شكل منشورات أو صور أو فيديوهات نستفيد منها أيضا بكميات تتفاوت من شخص الى أخر.
و كل تلك المعلومات و البيانات الرقمية التي تمت مشاركتها، تعبر عن ما بداخلنا من أحاسيس و أفكار، لتعطي صورة واضحة عن شخصياتنا لدى معارفنا و الأخرين.
لكن هل تبادر الى أذهاننا سؤالين مهمين هذه الأيام، ألا و هما : هل كل هذه البيانات ستبقى مخزنة على تلك الشبكات الاجتماعية ؟ و ما هي الضمانات التي تتيحها لي تلك الخدمات كي لا يصل الى معلوماتي جهات تبحث عنها لأغراض غير مشروعة بالتأكيد؟
لا داعي لكثرة التفكير و الدوران و البحث و التحقق، الاجابة هي أن جميع ما نشاركه على تلك المواقع الاجتماعية و الخدمات المشابهة، ستبقى ما دامت تلك المواقع باقية و لم تغلق أو تنتهي، أما الضمانات عن عدم بيعها او الوصول اليها من جهات أخرى، نقصد بها الشركات الكبرى و الحكومات و المخابرات، فهذا مجرد كلام، و ما يحصل الأن يدل على أن الشبكات الاجتماعية و خدمات الويب غير قادرة بتاتا على حماية بيانات المستخدمين و جعلها بعيدة عن أيد المعلنين و جهات التجسس الحكومية العالمية .
فامتلاك الكونغرس الأمريكي لأرشيف يتضمن جميع التغريدات التي تمت على تويتر من 2006 الى 2010، لهو أكبر دليل على وصول جهات التجسس العالمية الى بيانات الناس باختلاف توجهاتهم الفكرية و العقائدية و المذهبية .
أما اتاحة تلك المواقع الفرصة للمعلنين لتحديد المستخدمين المستهدفين من اعلاناتهم التي تنتشر ضمن المحتوى، فهو برهان واضح على أنها تتيح للمعلنين استهداف المستخدمين و اغراقهم بالإعلانات التي قد تساعدهم في تطوير مهارتهم، أو ربما تحريف أفكارهم و تدمير معتقداتهم.
أليس ذلك كافيا، لنعتقد بشكل جازم أن الويب حاليا ليس بتلك الدرجة من الأمان التي نسعى اليها دائما، و أن مشاركة بعض المعلومات الحساسة عليه، قد تعود علينا بالندم و الحسرة فيما بعد ؟
و قد أتبت لنا إدوارد سنودين وهو عميل متعاقد في وكالة الأمن القومي الأمريكي، أن التجسس الحكومي على البيانات المخزنة في خوادم الشركات العاملة في قطاع الأنترنيت، سواء كانت محركات بحث عالمية أو شبكات اجتماعية، و بقية الأنواع الأخرى من المواقع، ممكن و متاح و دون أن يكون لتلك الشركات علم بذلك.
و يحصل الأمن القومي الأمريكي على جميع المشاركات المكتوبة و الصوتية و المصورة و حتى المحادثات الحية في الوقت الفعلي لحدوثها، لتخزن لدى الوكالة و تصنف حسب عمليات ترتيب و تنظيم معقدة، مبنية على عوامل منها اللغة و الانتماء و الموقع الجغرافي …
و على هذا الأساس أصبح بإمكان الحكومات تكوين برامج تجسس مشابهة لبرنامج PRISM الذي أنشأته الولايات المتحدة الامريكية، للحصول على كل المعلومات التي يتم مشاركتها و نشرها في المواقع العالمية التي تتضمن أغلبية المستخدمين .
فعلى سبيل المثال، بمجرد أن يكتب موظفو وكالة الأمن القومي، اسمي في البرنامج “أمناي أفشكو” حتى يحصلوا على ما شاركته من منشورات على الفايسبوك و تويتر، اضافة الى المحادثات التي قمت بها و أنشطتي على مختلف المواقع الكبرى الأخرى مثل جوجل و أبل اضافة الى أمازون … انه أمر جنوني و طبيعي أيضا نظرا لتحديثيات الويب الحالي و أساسياته.
لكن أعتقد أنه لو لم تكن تلك المواقع تخزن بياناتنا، و مشاركاتنا و المحادثات التي قمنا بها، اضافة الى سجل الأنشطة الخاصة بنا عليها، لما حدثت الفاجعة و أصبحت بياناتنا بأيدي أخطر المخابرات العالمية. و لما حصلنا على اعلانات تسعى لتشويه معتقداتنا.
تخيلوا معي لو كانت تلك الشبكات و المواقع تمسح كل ما شاركناه بمجرد الانتهاء من عملية الافادة و الاستفادة و التواصل عليها. هل سيكون الويب أكثر أمنا من الوضع الحالي ؟ شخصيا أقول نعم، لدي الأدلة و التصور الصحيح للويب الأمن … أراهن على واقعيته و امكانية تطبيقه قريبا!